بسم الله الرحمن الرحيم
التهجير
القسري القصة الكاملة
ترجع ملكية أراضي الضفة الغربية و قطاع غزة كاملة إلى الشعب الفلسطيني،
بموجب القانون الدولي و ما جاءت به اتفاقية أوسلو. في هذا المقال سنعرض توضيح لمنهجية
الاحتلال الاسرائيلي للاستلاء على ما تبقى للفلسطينيين من أراضيهم. غير متناسين أن
جميع الأراضي قبل النكبة هي ملك و حق للشعب الفلسطيني.
تظهر أراضي الضفة الغربية و قطاع غزة باللون الأخضر حسب حدود عام 1967
مقدمة عن التهجير القسري
يعرّف التهجير القسرى بأنه "ممارسة ممنهجة تنفذها حكومات أو قوى
شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء
أراض معينة وإحلال مجاميع سكانية أخرى بدلا عنها".
ويكون التهجير القسري إما مباشرا أي ترحيل السكان من مناطق سكناهم
بالقوة، أو غير مباشر، عن طريق دفع الناس إلى الرحيل والهجرة، باستخدام وسائل
الضغط والترهيب والاضطهاد.
وهو يختلف عن الإبعاد أو النزوح الاضطراري أو الإرادي، باعتبار أن
التهجير يكون عادة داخل حدود الإقليم، بهدف تغيير التركيبة السكانية لإقليم أو
مدينة معينة.
ووفق ما ورد في نظام روما الإنساني لـ المحكمة الجنائية
الدولية، فإن "إبعاد
السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه
ضد أية مجموعة من السكان المدنيين يشكل جريمة ضد الإنسانية".
كما أن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو
نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم
مخاطر النزاعات المسلحة.
ما هي الأساليب التي تتبعها حكومة الاحتلال في التهجير القسري؟
تُركِّز معظم النقاشات الدائرة حول تهجير الفلسطينيين – بما فيها
نقاشات الفلسطينيين أنفسهم – على نكبة 1948 والتهجير القسري لِما يزيد على 700,000
فلسطيني على يد القوات الصهيونية لغرض إقامة دولة إسرائيلية على أرض فلسطين
التاريخية. ومع ذلك، حظيت التدابير المتنوعة التي تتبعها إسرائيل في تهجير
الفلسطينيين قسرًا منذ العام 1948 باهتمامٍ أقل بكثير رغم التقديرات التي تشير بأن
إسرائيل هجَّرت %66 من العدد الكلي لسكان فلسطين قسرًا كجزءٍ من خطتها المدروسة وطويلة الأجل لخلق أغلبية يهودية
والحفاظ عليها. يذكر مستشار الشبكة للسياسات، منير نسيبة، في هذه المقالة ستةً من
الأساليب التي تستخدمها إسرائيل في تهجير الفلسطينيين:
1. استخدام العنف في زمن
الحرب كما حدث إبان حروب 1948 و1956 و1967، وهو ما تسبب في واحدةٍ من أعقد مشاكل
اللاجئين في العالم، فضلًا عن العدد الكبير من المشردين داخليًا.
2. هندسة الوضعية
القانونية الشخصية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة على نحو يحرم المقيمين
بصفة اعتيادية أو الأشخاص المستحقين للإقامة من الحق في العيش في ديارهم.
3. التخطيط الحضري
والقُطري التمييزي الذي يشجع التوسع اليهودي ويكبح العمران الفلسطيني في مناطق
معينة مثل القدس وغور الأردن وصحراء النقب. وبسببه تُهدَم منازلُ وقرى بأكملها بذريعة "البناء غير المشروع."
4. تجريد الفلسطينيين من
ممتلكاتهم بموجب قوانين ولوائح تمييزية تُسفر عن إخلاء الأسر من مساكنها قسرًا.
5. الترحيل بموجب مبررات
أمنية وقانون الطوارئ. وقد استُخدمت هذ الطريقة على نطاق واسع في الأراضي
الفلسطينية المحتلة في بداية الاحتلال، ولا تزال تُستَخدم بين الفينة والأخرى.
6. خلق ظروفٍ لا تطاق في
مناطق معينة تحمل السكان المدنيين في نهاية المطاف على ترك منازلهم والانتقال إلى
مناطق أخرى. وقرية الشيخ سعد في القدس وقرية النعمان في الضفة الغربية هما
مثالان لهذا الأسلوب حيث اشتد الخناق على سكان كلتا القريتين بسبب تشييد جدار
الفصل العنصري.
تطورت سياسة إلغاء الإقامات المقدسية خلال ثلاث مراحل رئيسة:
:1967-1995-
قد يخسر الفلسطيني الإقامة الدائمة في القدس نتيجة إقامته "خارج
إسرائيل" (وشرقي القدس) لمدة سبع سنوات، أو نتيجة حصوله على إقامة أو جنسية
دولة أخرى.
1995 - حتى الآن: تم توسيع المعيار السابق ليشمل تغيير "مركز
الحياة" خارج إسرائيل أو شرقي القدس، حتى لو أقام الفلسطيني في الخارج لمدة
تقل عن السبع سنوات، ولم يحصل على إقامة أو جنسية دولة أجنبية أخرى. إذا أقام
الفلسطيني في الضفة الغربية (بما لا يشمل القدس) وقطاع غزة، تعتبره إسرائيل أنه
"أقام في الخارج"، وقد تلغى إقامته الدائمة في القدس نتيجة لذلك. منذ
تطبيق هذه السياسة عام 1995، ألغت إسرائيل أكثر من 11500 إقامة فلسطينية في القدس.
2006 - حتى الآن: إضافة إلى معيار "مركز الحياة"، أصبح بإمكان وزير
الداخلية الإسرائيلي إلغاء إقامات فلسطينيي القدس على أسس عقابية بناء على معيار
"خرق الولاء". وبتنفيذ هذا المعيار، أصبح المقدسيون الذين لم يتركوا
القدس يومًا معرضين أيضًا لخطر إلغاء الإقامات.
إن سياسة إلغاء
الإقامات، بما يشمل أيضا إلغاء الإقامات العقابي، تنتهك بشكل جسيم قواعد القانون
الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
هل الشيخ جراح و سلوان حالة خاصة؟
تعتبر أحداث حي الشيخ جراح و بلدة سلوان امتدادا طبيعيا للسياسات
المنحازة للحكومة الاسرائيلية، و التي يستمر تطبيقها على غيرهما من المناطق و إن
اختلفت مجريات الأحداث. تبرز التفاصيل التالية فصل من فصول سياسات التهجير القسري
التي عانى و يعاني منها الشعب الفلسطيني منذ 73 عاما.
المحطة الأولى:
في العام 1956، توصلت العائلات الـ28، وجميعها من اللاجئين الذين
فقدوا منازلهم إبان نكبة فلسطين عام 1948، إلى اتفاق مع وزارة الإنشاء والتعمير
الأردنية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" على توفير
مساكن لها بحي الشيخ جراح.
وآنذاك، كانت الضفة الغربية تحت الحكم الأردني (1951-1967).
ويقول الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس (غير حكومي) إن
الحكومة الأردنية وفرت الأرض، وتبرعت وكالة الغوث بتكاليف إنشاء 28 منزلا.
وأضاف "أُبرم
عقد بين وزارة الإنشاء والتعمير والعائلات الفلسطينية عام 1956، والذي من أهم
شروطه الرئيسية قيام السكان بدفع أجرة رمزية على أن يتم تفويض الملكية للسكان بعد
انقضاء ثلاث سنوات من إتمام البناء".
غير أنه استدرك في توثيق حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه "لكنّ
حرب يونيو/حزيران عام 1967، (التي انتهت باحتلال إسرائيل للضفة الغربية بما فيها
القدس(، حالت دون متابعة تفويض الأرض، وتسجيلها
بأسماء العائلات".
وأشارت وزارة الخارجية الأردنية إلى أنها زودت في وقت سابق، الجانب
الفلسطيني بكافة الوثائق المتوفرة لديها والتي يمكن أن تساعد المقدسيين على الحفاظ
على حقوقهم كاملة، من عقود إيجار وكشوفات بأسماء المستفيدين ومراسلات، إضافة إلى
نسخة من الاتفاقية عقدت مع الأونروا عام 1954.
بدء المعاناة في العام 1972
ويشير محمد الصباغ، أحد سكان الحي، في حديث
للأناضول، أن معاناة السكان بدأت في العام 1972، حينما زعمت لجنة طائفة السفارديم،
ولجنة كنيست إسرائيل (لجنة اليهود الأشكناز) إنهما كانتا تمتلكان الأرض التي أقيمت
عليها المنازل في العام 1885.
وفي شهر يوليو/تموز من العام 1972 طلبت
الجمعيتان الإسرائيليتان من المحكمة إخلاء 4 عائلات من منازلها في الحي بداعي
"الاعتداء على أملاك الغير دون وجه حق"، بحسب الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين
في القدس.
وأضاف "قامت العائلات بتوكيل محامي
للترافع عنها، وفي عام 1976 صدر حكم من المحاكم الإسرائيلية لصالح العائلات الأربع
التي رُفعت الدعوى ضدها، ينص على أن العائلات الأربع موجودة بشكل قانوني وحسب صلاحيات
الحكومة الأردنية، وأنها غير معتدية على الأرض".
لكنّ المحكمة قررت-بحسب الصباغ-أن الأرض
تعود ملكيتها إلى الجمعيات الإسرائيلية، حسب التسجيل الجديد، الذي تم بدائرة الطابو
(تسجيل الأراضي) الإسرائيلية دون النظر ببينة التسجيل الذي تم عام 1972.
القانون العنصري الذي شرع التهجير
في العام 1970، تم سن قانون الشؤون
القانونية والإدارية في إسرائيل، والذي نص، من بين أمور أخرى، على أن اليهود الذين
فقدوا ممتلكاتهم في القدس الشرقية عام 1948 يمكنهم استردادها إلى
ملكيتهم.
وقالت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية (غير حكومية) "من المهم الإشارة إلى أن القانون
الإسرائيلي (قانون أملاك الغائبين لعام 1950) لا يسمح للفلسطينيين الذين فقدوا
ممتلكاتهم في إسرائيل عام 1948 باستعادتها، ويسمح بنقل الأصول إلى حوزة الدولة".
وتابعت حركة السلام الآن "علاوة على ذلك، حرصت حكومة إسرائيل على
تعويض جميع اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم عام 1948، ومنحتهم أصولًا بديلة داخل
إسرائيل، ومن ثم، يحق لأصحاب العقارات بموجب قانون الشؤون القانونية والإدارية
مضاعفة التعويض عن الخسارة في عام 1948".
اتفاقية دون علم السكان
ويلفت الصباغ إلى أن السكان تعرضوا بداية حقبة التسعينيات من القرن
الماضي، إلى خديعة وخيانة من قبل محام إسرائيلي وكلوه للدفاع عنهم.
ويضيف موضحا "في العام 1982، تقدمت الجمعيات الاستيطانية
الإسرائيلية بدعوى إخلاء ضد 24 عائلة في حي الشيخ جراح".
ووكّلت 17 عائلة، المحامي
الإسرائيلي توسيا كوهين، للدفاع عنها، حيث استمرت المعركة القانونية دون أن تستطيع
الجمعيات الاستيطانية إثبات الملكية حتى عام 1991.
واستدرك الصباغ "في العام 1991 تم عقد صفقة، اعترف بموجبها
المحامي كوهين، بتوقيع باسم سكان الحي ودون علمهم، أن ملكية تلك الأرض تعود
للجمعيات الاستيطانية".
وأضاف "تم منح أهالي الحي وضعية مستأجرين، يسري عليهم قانون
حماية المستأجر".
وبحسب الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس، فإن ما فعله
المحامي، وَضَعَ العائلات الفلسطينية "تحت طائلة الإخلاء في حالة عدم دفعها
الإيجار للجمعيات الاستيطانية".
وقال "اكتشف السكان بأن الصفقة مؤامرة، أضرت بهم كثيرا، وثبتت
الملكية للمستوطنين وعلى إثر ذلك لم تدفع العائلات الإيجار".
واستمرت المحاكم الإسرائيلية بالنظر في قضايا متبادلة، بين السكان
والجمعيات الاستيطانية.
دعوى مضادة تستند إلى الطابو العثماني
ومستندا إلى وثائق الطابو العثماني، التي تم جلبها من تركيا، قدم
المواطن سليمان درويش حجازي في العام 1997 دعوى إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية،
أكد فيها ملكيته للأرض المقامة عليها المنازل في الشيخ جراح.
غير أن المحكمة رفضت في العام 2005 الدعوى التي قدمها حجازي، معتبرة
أن الأوراق التي بحوزته لا تثبت ملكيته للأرض.
وفي العام 2006 ردت المحكمة العليا الإسرائيلية استئناف حجازي بخصوص ملكية
الأرض.
بدء عمليات الإخلاءات
وعلى مدى سنوات، نظرت المحاكم الإسرائيلية بقضايا مقدمة من الجمعيات
الاستيطانية ضد السكان الفلسطينيين، واستئنافات للسكان ضد قرارات صدرت لصالح
المستوطنين.
ولكن، في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 تم إخلاء عائلة الكرد من منزلها،
وتكرر المشهد في أغسطس/آب 2009 حينما تم طرد عائلتي حنون والغاوي من منزليهما.
وانتقل مستوطنون للعيش في هذه المنازل، بعد طرد أصحابها منها، وتم رفع
الأعلام الإسرائيلية عليها إيذانا بمرحلة جديدة لمعاناة السكان بالحي.
وحتى اللحظة تلقت 12 عائلة فلسطينية بالحي قرارات بالإخلاء، صدرت عن
محكمتي الصلح و"المركزية" الإسرائيليتين.
وكان آخر تحركات السكان، التماس 4 عائلات منها إلى المحكمة العليا،
أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، ضد قرارات طردها من منازلها.
ويُرتقب صدور قرار المحكمة اليوم الخميس، ولكن في حال كان القرار
سلبيا، فإن العائلات تقول إن صراعها عبر المحاكم الإسرائيلية والذي استمر سنوات
يكون قد انتهى.
انتقالا إلى سلوان
قال رئيس لجنة حي بطن الهوى ببلدة سلوان زهير الرجبي إن
التغلغل الاستيطاني بدأ في الحي عام 2004 ببؤرتين استيطانيتين، ثم تصاعد عام 2014
ليبلغ عدد البؤر الآن 6 تعيش فيها 23 أسرة من المستوطنين.
وأضاف الرجبي في حديثه للجزيرة نت بلغ عدد أوامر إخلاء المنازل في بطن
الهوى أكثر من 87 أمرا، ويسكن هذه المنازل 700 مقدسي يعيشون على مساحة 5 دونمات
و200 متر".
وتدّعي جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية أن ملكية المنازل
في الحي تعود ليهود اليمن قبل عام 1948، وافتتحت عام 2018 في الحي "مركز تراث
يهود اليمن" بادّعاء أن كنيسا يعود ليهود اليمن كان قائما بالمكان وحمل اسم
"بيت العسل" قديما.
ويستهدف الاحتلال بلدة سلوان بمشاريع استيطانية عدة، ويرى أن تهجير
أهالي حي بطن الهوى سيؤدي إلى تحويله إلى مستوطنة ضخمة تتصل مباشرة بمستوطنة رأس
العامود شرقا وبالبؤر الاستيطانية في حي وادي حلوة غربا.
ووفقا لرئيس لجنة الدفاع عن أراضي بلدة سلوان فخري أبو دياب فإن مساحة
أراضي البلدة تبلغ 5640 دونما (الدونم ألف متر)، وتضم 12 حيًّا يقطنها نحو 58.500 مقدسيًّا، وزُرعت بقوة الاحتلال حتى الآن 78 بؤرة استيطانية بالبلدة
يعيش فيها 2800 مستوطن.
ويوضح محامي عائلات حي البستان زياد قعوار أن قانون "كامينتس" دخل حيز التنفيذ في شهر أكتوبر/تشرين الأول عام 2017،
بعد أن تم سنّه من كتل اليمين المتطرف في الكنيست الإسرائيلي، وهدفه المعلن
"محاربة البناء غير المرخص"، لكن هدفه الحقيقي محاربة البناء العربي
وهدم منازل العرب ووقف عملية التمدد العمراني للفلسطينيين.
وبسنّ هذا القانون تضاعفت المخالفات على البناء غير المرخص بـ6 أضعاف،
حسب قعوار؛ إذ أعطى الصلاحية الكاملة لمفتشي البناء التابعين لبلدية الاحتلال في
القدس بتحرير مخالفات إدارية بمئات آلاف الشواكل دون الحاجة للتوجه إلى المحكمة
التي سُحبت منها أيضا الصلاحية في تأجيل تنفيذ أوامر الهدم.
وبناء على هذا القانون؛ ينعدم أي مسار قانوني يمكن سلوكه لتأجيل أو
منع الهدم للمنازل التي بنيت منذ عام 2017 فصاعدا. ويقول قعوار "أنا كمحام
أشبه نفسي أمام هذا القانون بالجندي الأعزل في الحرب، فالخصم أمامي مدجج بالأسلحة
الحديثة وأنا عار تماما أمامه".
ويعتقد المحامي أن مصيرا قاتما ينتظر المنازل الـ17 في حي البستان
المصنفة تحت قانون "كامينتس"، بالإضافة لإجراءات قانونية ضد 90% من
مباني الحي.
ويقول قعوار "نجحنا في تأجيل جميع أوامر الهدم ما عدا التي ينطبق
عليها قانون كامينتس حتى شهر أغسطس/آب القادم، وفي بداية يوليو/تموز سنقدم طلبات
جديدة لمحكمة الشؤون المحلية في البلدية لتأجيل الهدم، في محاولة لتغيير تصنيف
الحي من منطقة عامة (حديقة) إلى حي سكني".
لكن المحامي قعوار يعتقد أن إمكانية النجاح في تغيير تصنيف الحي ووقف
التهجير القسري منه ضئيلة، لأن المؤسسات الإسرائيلية الرسمية ترضخ لضغوطات المستوطنين
المتطرفين وتلغي تعهداتها السابقة التي أعطتها لأهالي حي البستان.
ما هو قانون كامينتس؟
منذ تأسيسها، عملت “إسرائيل” جاهدة على تشديد الحصار التخطيطيّ، وخنق القرى والمدن العربيّة في تجمّعات غير متطوّرة ومكتظّة بالسكّان، وذلك من خلال منع إعداد أيّ
خطط بناء سكنيّ.
كما منذ ذلك الحين، لم تبنِ الحكومة أيّ بلدة عربيّة جديدة وذلك رغم
تزايد عدد السكّان الفلسطينيّين في الداخل إلى ما يقارب مليون ونصف المليون عربي.
إضافة إلى ذلك، كانت “إسرائيل” قد صادرت خمسة مليون دونم (الدونم: ما يعادل
1000 متر مربع) من المجتمع الفلسطينيّ وبنت 700 بلدة جديدة لليهود فقط.
كذلك، لا تسمح “إسرائيل” بتوسّع القرى والمدن العربيّة إلى الأراضي
المُحيطة بها، وتُعتبر مهمّة الحصول على ترخيص بناء شبه مستحيلة، لا سيّما القرى
البدويّة العربيّة غير المعترف بها في النقب وفي أحياء القدس، وتُحجِم التجمّعات
اليهوديّة عن قبول العرب في جيرتهم ودمجهم في مدنهم وقراهم.
بالتالي، وجد السكّان العرب أنفسهم مضطرين في كثير من الأحيان للتنازل
عن ثمانية دونمات من أراضيهم الزراعيّة خارج بلداتهم مقابل دونم واحد للبناء داخل
بلداتهم، وبذلك عملت “إسرائيل” على توسيع أراضيها من
خلال الاستفادة من أزمة الإسكان التي خلقتها في المجتمع العربيّ.
وفي غياب الأراضي التي يمكن للفلسطينيّين البناء عليها، يضطر السكّان
العرب في كثير من الأحيان إلى البناء دون ترخيص، وفي الغالب يأتي البناء دون ترخيص
لانعدام الخيارات الأخرى لدى الفلسطينيّين، ويهدف إلى توفير الحقّ الأساسيّ في
المسكن للشباب والأسر التي تركتها “إسرائيل” دون حلول إسكانيّة ملائمة لسنوات
طويلة.
لكي تضيّق “إسرائيل” الخناق أكثر وتمنع البناء غير المرخّص، دَخَلَ في
الخامس والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2017، التعديل 116 لقانون التخطيط والبناء حيّز التنفيذ، وهو المعروف
باسم قانون كامينتس، أحد القوانين العنصريّة الكثيرة والمُمَيِّزة ضدّ العرب في “إسرائيل”.
يشكّل هذا التعديل خطرًا كبيرًا على الوجود الفلسطينيّ وأراضيهم، ذلك
أنّه يزيد من شدّة العقوبات وصرامتها على بعض مخالفات البناء، وسرعة تنفيذها من
خلال أوامر وغرامات إداريّة، وذاك دون تقديم “المواطن” حتّى للمحاكمة الجنائيّة.
ومن العواقب الوخيمة لهذا القانون، دفع مبالغ باهظة الثمن قد تصل مئات
آلاف أو ملايين الشواكل، وإيقاف استخدام المبنى أو إغلاقه، ومطالبة القاطنين
بإخلاء بيوتهم أو محالهم، أو إصدار أمر هدم.
كما تشمل هذه العقوبات المباني التي شيّدت قبل سنّ القانون كذلك، وقد
تقع هذه العقوبات على كلّ من ارتكب إحدى مخالفات البناء التالية: بناء دون ترخيص،
استخدام الأرض أو المبنى خلافًا للهدف الذي خصصت الأرض من أجله في الخارطة، عدم
الامتثال لأمر إداريّ بوقف الاستخدام أو وقف البناء.
وتحاول “إسرائيل” أن تشمل أطراف كثيرة في دائرة العقوبات مسببة ضررًا
أكبر للسكان، منها: مالك الأرض أو المبنى ومستخدم الأرض أو المبنى والمهنيين والحرفيين
الذين شاركوا في عمليّة البناء أو العمل في الأرض، حتى المقاول والمسؤول عن تخطيط
العمل والإشراف عليه.
قد يؤدّي قانون كامينتس إلى انهيار المجتمع الفلسطينيّ في “إسرائيل”،
ذاك أن قد يُهدم بيت المواطن الفلسطينيّ وينزح إلى الشارع إن لم يتمكّن من دفع
الغرامات، لا سيما أنّ القانون سلب من المحاكم صلاحياتها بتأجيل أمر الهدم لأكثر
من سنة من أجل أن يتمكّن الفلسطينيّ من ترخيص البناء.
ختاما يجب الالتفات إلى أنها ليست قضية قانونية، بقدر ما هي قضية
سياسية دينية، تحتاج إلى أكثر من نابغة في علم القانون لحلها.
المراجع:
- النهب الإسرائيلي للأرض والتهجير القسري للفلسطينيين دليل إرشادي للأفراد والتجمعات السكانية المعرضة لخطر التهجير للباحثان أمجد القسيس و نضال العزة.
https://www.aljazeera.net/encyclopedia/conceptsandterminology/2017/1/8/%D9%84%D9%87%D8%
B0%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D8%B1%D9%8A-%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A8
https://al-shabaka.org/briefs/%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%AF%D9%8C-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A8-%D8%A7/#easy-footnote-7-625
https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1/%D9%85%D8%A3%D8%B3%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%AD-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1/2230979
https://www.aljazeera.net/news/alquds/2021/6/10/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D9%8A%D9%8F%D8%AC%D8%A8%D8%B1-%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%87%D8%AF%D9%85-%D8%A3%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%87
https://alassas.net/8256/
https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=8870