الثلاثاء، 29 يونيو 2021

بيتُ المَقدس... قضيةٌ شرعيةٌ أولًا


 

"القدس عقيدة"

جملة تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي، في الأسبوعين الماضيين. و على أنها تحمل من القوة ما تحمل، إلا أنها لن تستمر طويلا إذا لم تُفهم على النحو الصحيح. و في هذا المقال سنحاول توضيح العقيدة السليمة التي من شأنها استلام القضية بأبعاد الكاملة، على الصعيد الفردي و الجماعي.

بيتُ المَقدس... قضيةٌ شرعيةٌ أولًا

لعشراتِ السِّنين هيمنَت قضيةُ فلسطينَ واحتِلال اليَهود لَها على مجمَل حياةِ المسلمِين فِى كُل أنحَاء العالم، فغَلا فيها الغَالون، وتاجر بهَا المتاجِرون، حتَّى راج عند معظَم الناسِ أن فلسطِين هيَ قضيَّة الإسلَام الأولَى، بعدمَا أعلنَ القومِيون أنَّها قضية العَرب الأولَى، فلَا يصِح أن تُطرح أي قضِية أخرَى ما لَم تحرر فلسطِين، لكي لَا تتَشتت الجُهود وتضِيع الإمكانيَّات، بَل ولا يصُح في نظرِ الكثِيرين أي جهَاد ما لَم يكن فِي فلسطين، وباتَ دعَاة الفِتنة وعُلماء السَّلاطين في كُل مكانٍ يستَنكرُون عَلى المجَاهدين في كل السَّاحات، ويلبسُون على الجهَلة بالسُّؤال: لمَاذا لا يجَاهد هَؤلاء فِي فلسطين؟

وَتعدى الأمرُ بهؤلَاء المنحَرفين لِيدخل فِي بابِ الوَلاء والبَراء، إذ لَم يعد هُناك عدوٌ للأمة المُسلمة غَير اليهُود المُحتلِّين لِفلسطِين، وحَتى من أرَاد أن يُوسع الدَّائرة لتَشمل الصلِيبيين النَّصارى، انحَرف عن الشَّريعة بإعلَانه أنَّ السَّبب الوَحيد لعدَائِه لَهم هو دَعمهم لليَهود. ولَا عدوَّ من الطَّواغيت إلا مَن صالَح اليهُود، أو تحَالف معهُم.

ومِن جانبٍ آخَر صَار كلُّ من يُعادي الدَّولة  اليهُوديَّة بطَلا مَحبوبًا تُرفع رايَاته، وتُعلَّق  صوره، بِغض النَّظر عن دينهِ وَعقيدته، وَبهذا تعَلقت قلُوبُ النَّاس بالشيوعِيين مِن أمثَال مقَاتلي الجَبهتَين الشَّعبية والدِّيموقراطية لتَحرِير فِلسطِين وَحلفائِهم مَن الحَركات الماركسِية العَالمية لفَترة منَ الزَّمن، ومُجدُوا، وسُمي قَتلَاهم شُهداء. رغمَ أنَّهم ملاحدَة كُفار، لَا يؤمنُون بالله رَبا، ولَا بالإسلَام دينا، ولا بمَّحمد -صلى اللهُ عليه وسلم - رسُولا، ولكِن كان يكفِي عند أصحَاب «قضيَّة العرب الأولَى» أنهم يقَاتلون اليهُود في فِلسطين.

ثُم تعلقَت قلوبهُم بالرَّوافض الأنجَاس مِن أمثَال حِزب اللَّات، وَحركة أمَل، لقتَالهم لليهُود فِي جنُوب لُبنان فِي السَّنوات المَاضية، حَتى وَصل الأمرُ بالنَّاس فِي حربِ عام «٢٠٠٦» المَعروفة بِحرب تموز أَن ارتفعت رَايات الرافِضة، وصُور المُرتد حَسن نَصر اللات فِي مَنازل المَلايين من النَّاس. وعَلاوة على ذلك تَعلقت قلُوب عَشرات المَلايين منَ النَّاس بشِرار الطَّواغيت العَرب من أمثَال جَمال عبد النَّاصر، وحـافظ الأسَد، ومَعمر القذّافي، وصدَّام حسين، بِسبب متَاجرتهم بِقضيّة فلسطين، وبيعهِم الأوهَام للمُتعلقين بهِم من خِلال الخِطابات الحمَاسية عَن إلقـاء اليَهود في البَحر، أو إحرَاق دولتِهم بالصوارِيخ.

الأحزابُ المنحرفة

قَضيَّة المتَاجرة بفِلسطين تعَدت القَوميين واليَساريِّين والرَّافضة، حيثُ دخلَت منذُ زمَن فِي صلبُ مناهِج العمل للأحزَاب التي "تَنتسبُ" للإسلَام كذبًا والفصَائل والجَماعات، باعتبَارها وسيلةً لحشد النَّاس، وتوحيدِ الصفِّ، حيثُ لم يجدُوا في السَّاحة أمامَهم قضيةً يُجمع عليها النّاس غير قضيَّة فِلسطين التِّي تاجر بهَا الجَميع دون استِثناء، واستَسهلُوا بناءَ مناهجِهم الحركِية علَى أساسِ «قضية فِلسطين» الذِي أشرفَ على بنائهُ القَوميُّون لُعقود، وذلكَ لما وجدُوه من بُعد للناسِّ عنِ الدين، فَسولَّت لهُم أنفُسهم أن يَجمعوا النَّاس حَولهم عَلى هذا الأَصل الفَاسد ويَنطلِقوا بهِم -بزَعمِهم- لتَحقيق الأهدَاف المعْلنة لجَماعاتهم فِي إقَامة الدِّين وتطبِيق الشَّريعة، دُون أن يَلتفتوا لاختِلاف طَبائع النَّاس ممَّن تجذِبه الدَّعوات لاستِنقاذ فلسطِين وأنَّهم خليطٌ من المُسلمين والكَفرة، النَّصارى، فهَل مِن القَوميِّين واليسَاريين،  من يمكنه أن حَشد هَؤلاء جميعًا لإنجاحِ أي مشروعٍ «إسلامِي» حقِيقي؟

وَبعد ما يقَارب سـبعة عُقود من الشِّعارات الفَارغة، لًا زالت فِلسطين تَحت حُكم اليهُود، وَلا زال الرَّافضة وحُلفاؤهم مِن الأحزَاب الضَّالة يتَاجرون بالقَضية بَعد أن انقَسمت فِلسطين القَديمة إلى ثلاثة أقسَام، كلٌّ مِنها يُحكم بِحكومة طَاغوتية تَزعم العَداء للأخرى.

الجِهادُ لاستنقاذِ بيت المَقدسِ يخضع لضوابِط الشريعة

- إنَّ وضعَ قضيَّة فِلسطين فِي إطَارها الشرعِي الصَّحيح، وكسر وثن «قَضية المُسلمين الأُولى» الذي تَم تعبيدُ النًّاس لهُ لعقودٍ، يجِب أن يكُون الأَساس الَّذي ينبَني أي عملٍ حقيقيٍّ باتجًاه تلكَ البُقعة المباركَة من الأرضِ.

فَقضيَّة المَسلمين الأُولى هِي إقَامة التوحِيد، قَال تعَالى: «وما خَلقت الجِن والإنسَ إلا ليعبُدون» ولأجلِها أرسَل الله الرُّسل وشَرع الجِهاد، لتطهِير كل الأرضِ منَ الشِّرك، وَتعبيدَهم لِرب العَالمين عز وَجل، كما قَال تعَالى: «وقَاتلوهم حتَّى لا تكُون فتنَة ويكُون الدِّين كُله لله» ويَنطبق عَلى بَيت المقدِس وأكنَافها فِي ذلِك ما يَنطبق عَلى باقِي الأرض.

- بَل إنَّ الجهَاد لاستنقَاذ بيتِ المقدِس مِن أيدِي اليَهود لا يَجوز إلَّا إذا كَان فِي سبيلِ إزالَة حُكم الطَّاغوت عَنها، وإقامَة الدين فِيها كاملًا غَير منقوصٍ، أمَّا أن يستَبدل بحُكم اليَهود، حُكم الطواغِيت مِن أمثَال مَن يَحكم حَاليا فِي غَزة والضِّفة الغَربية، فالجِهاد في سَبيل ذلك باطلٌ، وهوَ قتالٌ في سَبيل الطاغوتِ، لا جهادٌ في سَبيل الله.

- إنَّ الجِهاد لاستنقَاذ بيتِ المقدسِ وأكنافِه من أيدِي اليَهود والذِي نًسأل الله أن يَكون قرِيبا. هوَ مسألة شرعية، تخضع لضوابط الشَّريعة في كُل أجزائُها، ولَا يصحُّ بحالٍ أن يغلُو أحد فيهَا فيرفعَها فوق توحِيد الله، مِثلما لَا يَصح أن يتهَاون فيهَا أحدٌ ممَّن يؤمِن بالله ربَّا وبالإسلَام دينا، فهُو واجِب شرعِي، يجبُ على كُل المسلِمين العمَل علَيه، لكونِه من ديَار المُسلمين التِي استولَى عليه الكفَّار اليهُود، وحوَّلوه إلى دَار حرب، وحًكموه بشريعَة الطَّاغوت، ومنَعوا فيهِ شعائِر الإسلًام، وقتلُوا المسلِمين، ونهَبوا أموالُهم، وأخُرجوهم مِن أرضِهم، فقِتال هؤُلاء اليهود واجِب على كلِّ مسلم، ولكن هذا الواجب أوكد على أهل بيتِ المقدِس لكونِهم أقرَب إليهِم، على أن تَكون غايةُ هذا القِتال هِي إقامة دِين الله لًا مجرد استعَادة الأرضِ والمالِ، أو لِمجرد الثأر من اليهُود على جرَائمهم طِيلة العُقود المَاضية، و واَجب على كلِّ المسلِمين في العَالم إعانتُهم في ذلكَ بما يستـطيعون إيصَاله إليهِم من المَال والرجال، كذَلك التًّخفيف عَنهم. والنِّكاية فِي عدوهم عن طَريق استهدَاف اليَهود ، وإتلاف أموالِهم، وتعطِيل مصالِحهم ما استطَاعوا إلى ذَلك سبيلًا.

- والجِــهاد لِاستِنقاذِ بيتِ المَقدس مِن أيدي اليَهود لَا يُبرر الانتِساب إلَى الفَصائِل والأحزَاب المُرتدة، مِثل حِزب اللَّات الرَّافضي، وحرَكة «الجِـ.ـهاد الإسلَامي» المُرتبطة بها، أو الحَركاتِ العِلمانية والشُّيوعية، كَحركة فتح والجَبهتينِ الشَّعبية والدِيموقرَاطية، ولَا الحَركات المنْتسبة لِلإسلَام اسمًا، المُمتنعَة عَن تنفِيذ شَرع اللَّه حُكما، المُطبقَة لشِرك الدِّيموقراطية واقعًا كَحركة حَماس.

فَقتالُ الكُفار تَحت رايةٍ كُفرية لَا يجُوز بحالٍ، وإنَّما يُجاهد المُسلم تَحت رايةِ جَماعة المسلمين فَإن لم يَستطع الالتحاق، فجِهاده وحده أبرُّ لهُ عند اللَّه مِن أن يهلِك نَفسه فِي سَبيل إزالَة حكمِ اليَهود وإحلَال حُكم الأحزَاب والفَصائل الطَّاغوتية المُرتدة.

إنتقاه إنجي الحمري | طالبة الدراسات العليا في مجال الفقه و أصولة | جامعة عمر المختار | البيضاء-ليبيا. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

The Jewish position of Palestine \ writer: nadeen abdallah

  - the idea of establishing the Jewish state" when the "protons" gold followed by promoting the idea that the Jews were the ...