ماهو المسجد الأقصى المبارك؟
لاحظتُ جهلاً محزناً لدى المسلمين في هذا الأمر؛ وهو عدم معرفة حقيقة المسجد الأقصى المبارك وحقيقة مساحته ومبانيه، فخلال خلطتي بالعديد من الناس، لاحظتُ أنهم يتمتعون بفهم خاطئ لحقيقة المسجد، فمنهم من يظن أن الصخرة المشرفة هي الأقصى المبارك، ومنهم من يظن أن المصلى المرواني هو مبنى آخر لا يمت إلى الأقصى المبارك بصلة، ومنهم من كان يشكل عليه الأمر عندما يسمع مصطلح "الأقصى المبارك" ومصطلح "الأقصى القديم" لذلك رأيت من الضروري أن أعرج على هذا الموضوع كجزء هام للتحدث عنه ولا يوجد أي عذر لأي مسلم ولا عربي على وجه الأرض إذا جهلها؛ لأن الجهل بها هو المقدمة المحزنة لتضييع الأقصى المبارك!
يقول مجير الدين الحنبلي في الأنس الجليل "إن المتعارف عند الناس أن الأقصى من جهة القبلة الجامع المبني في صدر المسجد الذي فيه المنبر والمحراب الكبير، وحقيقة الحال أن الأقصى اسم لجميع مما دار عليه السور، فإن هذا البناء الموجود في صدر المسجد وغيره من قبة الصخرة والأروقة وغيرها محدثة والمراد بالأقصى مادار عليه السور،"ويقول الدباغ في كتابه ( القدس) يتألف الحرم القدسي الشريف من المسجدين، مسجد الصخرة والمسجد الأقصى، ومابينهما، وما حولهما من منشآت حتى الاسوار.
على هذا الأساس ندرك بشكل واضح أن كل المساحة القائمة، حدود مادار عليه الأقصى المبارك هي جزء لا يتجزأ من الأقصى المبارك، والسور المحيط بهذه المساحة هو جزء لا يتجزأ منها بمعنى أن السور وكل الأبواب الموجودة في السور هي جزء لا يتجزأ من الأقصى المبارك ،فالسور الغربي على سبيل المثال هو جزء لا يتجزأ من الأقصى المبارك، وحائط البراق الذي يعتبر جزءا من الأقصى المبارك، ورباط الكرد الذي يعتبر جزءا من السور الغربي هوا جزء لا يتجزأ من الأقصى المبارك، وهكذا كل أبواب السور الغربي كباب المغاربة وكذلك مباني السور الغربي كالمدرسة التنكزية كلها جزء لا يتجزأ من الأقصى المبارك، وثم أكمل وأقول أن المصلى المرواني الواقع تحت مساحة الجهة الجنوبية الشرقية للأقصى المبارك هو جزء لا يتجزأ من الأقصى المبارك، وفق ذلك فإن أي مؤامرة تستهدف الأقصى القديم أو تستهدف المصلى المرواني هي مؤامرة رخيصة ودنسة على الأقصى، فنحن في سنين خداعة فاستيقظوا أيها العرب ، فإن الجرح غائر ،والليل طويل، والهم ثقيل، والمطلوب الصبر والعطاء المتواصل، فالشجاعة صبر ساعة وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين"، إذا ادركنا كل ماتقدم ندرك بوضوح وسهولة كما يقول الأستاذ محمد حسن شراب في كتابه (بيت المقدس والمسجد الأقصى ) أن المسجد الأقصى الذي ذكر في سورة الإسراء هو الحرم القدسي كله ومضاعفة الثواب بالصلاة في الأقصى القديم أو في الصخرة المشرفة أو في المصلى المرواني أو في الساحات الترابية الموجودة داخل الأقصى المبارك، كل ركعة فيها تعدل خمسة مائة ركعة. وفي رواية ألف ركعة في غيره من مساجد الأرض سوى المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف.
فهلا استيقظ النائم فينا وهلا انتبه الغافل منا يا معشر المسلمين والعرب .
هذه بعض التوضيحات:
المصلى المرواني:
هذا الجزء من المسجد الأقصى المبارك قديما بالتسوية الشرقية، إذ بناه الأمويون أصلا كتسوية معمارية لهضبة بيت المقدس الأصلية المنحدرة جهة الجنوب حتى يتسنى البناء فوق قسمها الجنوبي الأقرب إلى القبلة على أرضية مستوية وأساسات متينة ترتفع لمستوى القسم الشمالي، ويرجح أن يكون قد بنى قبل الجامع القِبْلي، لهذا السبب، وأنه استخدم للصلاة ريثما يتم بناء هذا الجامع.
يضم المصلى 16 رواقا حجريا قائما على دعامات حجرية قوية، ويمتد على مساحة تبلغ نحو أربعة دونمات ونصف (الدونم = ألف متر مربع)، حيث يعد أكبر مساحة مسقوفة في المسجد الأقصى المبارك حاليا. ويمكن الوصول إليه من خلال سلم حجري يقع شمال شرق الجامع القِبْلي، أو من خلال بواباته الشمالية الضخمة المتعامدة على السور الشرقي للمسجد الأقصى المبارك، والتي تم الكشف عنها مؤخرا.
خلال فترة الاحتلال الصليبي للقدس، حوله المحتلون إلى إسطبل لخيولهم، ومخزنٍ للذخيرة، وأسموه "اسطبلات سليمان". ولا يزال بالإمكان رؤية الحلقات التي حفروها في أعمدة هذا المصلى العريق لربط خيولهم. وبعد تحرير بيت المقدس، أعاد صلاح الدين الأيوبي تطهيره وإغلاقه.
وظل المصلى المرواني مغلقا لسنوات طويلة، نظرا لاتساع ساحات الأقصى العلويّة، وقلة عدد شادّي الرحال إلى المسجد المبارك. ثم أعادت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات ولجنة التراث الإسلامي ببيت المقدس تأهيله، وفتحه للصلاة، في نوفمبر 1996م -1417هـ، وذلك بهدف حمايته من مخطط كان يهدف إلى تمكين اليهود من الصلاة فيه، ومن ثم الاستيلاء عليه، حيث أقاموا درجا يقود إليه عبر الباب الثلاثي المغلق في الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك.
واعتبر هذا العمل أضخم مشروع عمراني في المسجد الأقصى المبارك منذ مئات السنين. وجاء نجاح المسلمين في فتح بوابتين عملاقتين من بوابات المصلى المرواني الشمالية الضخمة في مايو 2000م، وبناء درَجٍ كبير داخل الأقصى يقود إلى هذه البوابات، في فترة زمنية وجيزة، سبباً في إثارة حفيظة سلطات الاحتلال الصهيوني التي كانت تخطط للسيطرة على المكان. وفي 28-9– 2000م، اقتحم أرئيل شارون، زعيم المعارضة الصهيونية آنذاك، المسجد الأقصى المبارك، ، وحاول الوصول إلى المصلّى المرواني مدنسا باحات المسجد الأقصى، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة في اليوم التالي.
رباط الكرد:
يقع في باب الحديد ملاصقاً لسور الحرم الغربي، وتحديداً على يمين الخارج من الحرم من هذا الباب، أسفل المدرسة الجوهرية،ومقابل المدرسة الأرغونية.ينسب إلى منشئه وواقفة الأمير المقر السيفي كرد، صاحب الديار المصرية، في سنة (693هـ/ 1294م) الذي كان من مماليك السلطان قلاوون (741-709هـ/ 1340-1309م) وتقلب في عدة مناصب ووظائف في الدولة المملوكية أبرزها نيابة طرابلس ،قبل أن يقتل في معركة مع التتار سنة (699هـ/1300م).
يتوصل إليه عبر مدخل صغير، يقوم على كل جانب من جانبيه مقعد حجري يعرف بالمكسلة، ويؤدي إلى ممر ضيق، غطى جزؤه القريب من المدخل ،ثم يتسع الممر قليلاً ليؤدي إلى ساحة مكشوفة توصل إلى مجموعة الخلاوي أو الغرف حولها.
واستمر هذا الرباط يؤدي وظيفته الاجتماعية والثقافية حسب شروط الواقف عدة قرون، حتى عد مدرسة من مدارس بيت المقدس. وتشير بعض الحجج الشرعية ووثائق مؤسسة إحياء التراث والبحوث الإسلامية إلى رعايته وتعميره،وتخصيص ريع أوقافه في القدس إلى ايواء الفقراء والحجاج والوافدين إلى مدينتنا المباركة، وإلى غلبة عائلة ابن الدويك على وظائفه، قبل أن يتحول إلى دار سكن يقطنها جماعة من آل الشهابي. ولكن أخطر ما يواجهه هذا المعلم التاريخي هو أعمال الحفر التي قامت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلف سور الحرم الشريف الغربي التي أدت إلى خلل في أساساته وسوط أجزاء منه وتصدع جدرانه.
_المصدر: دليل مدينة القدس (منارات مقدسية).
حائط البراق:
هو الجدار الغربي للمسجد الأقصى بالقدس، أخذ تسميته من ربط النبي صلى الله عليه وسلم دابته ليلة الإسراء والمعراج به، ويعتبر الحائط جزءاً من سور المسجد، ويجاوره مباشرة بابه المسمى باب المغاربة.
خلفية تاريخية:
يمثل حائط البراق الجزء الجنوبي من السور الغربي للمسجد الأقصى الشريف، ويمتد من جهة الجنوب من باب المغاربة باتجاه الشمال إلى المدرسة التنكزية التي حولها الاحتلال الإسرائيلي إلى كنيس ومقرات شرطة، ويبلغ طوله نحو خمسين مترا وارتفاعه نحو عشرين مترا.
باب المغاربة:
هو أحد بوابات القدس. سمي بباب المغاربة نظرا لأن القادمين من المغرب كانوا يعبرون منه لزيارة المسجد الأقصى. وقد عرف هذا الباب أيضاً باسم باب حارة المغاربة، وباب البراق، وباب النبي .
هذا وقد أعيد البناء الحالي لهذا الباب في الفترة المملوكية، في عهد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة 713 هجرية/ 1313 ميلادية.
باب المغاربة هو اقرب الأبواب إلى حائط البراق، كان في البداية باب صغير ثم تم توسيعه، يصل الباب إلى مدينة داود، نبع الجيحون، بركة سلوان والى قرية سلوان. في العهد البيزنطي مر بالجوار شارع الكاردو الفرعي الذي وصل بين باب العمود في الشمال لبركة سلوان في الجنوب. في الغالب كان الباب مقفلاً وفتح فقط عند الحاجة, مثلا في أيام المحل لتمكين سكان سلوان من إدخال قرب الماء إلى سكان القدس. أيام الحكم الأردني (1948- 1967)، تم توسيع الباب لتمكين العربات من الدخول. من على الباب من الخارج قوس يشبه الوسائد الحجرية وفوقه زخرفه مستديرة بشكل ورده.
حينما سئِل صلاح الدين من قبل حاشيته عن سبب إسكان المغاربة بهذه المنطقة، أي عند السور الغربي للمسجد الأقصى، وهي منطقة سهلية يمكن أن يعود منها الصليبيون مجددًا، كون الجهات الثلاث الأخرى وعرة، أجاب بقوله: "أسكنت هناك من يثبتون في البر، ويبطشون في البحر، من أستأمنهم على هذا المسجد العظيم، وهذه المدينة".
والباب هو جزء من حارة المغاربة، وهي من أشهر الحارات الموجودة في البلدة القديمة بالقدس، ويرجع جزء من شهرة الحارة إلى إقدام إسرائيل على تسويتها بالأرض بعيد احتلال القدس عام 1967م، حيث حوَّلتها إلى ساحة سمتها "ساحة المبكى" لخدمة الحجاج والمصلين اليهود عند حائط البراق.
ويتدفق من باب المغاربة 7% من ساكني القدس المسلمين للصلاة في المسجد الأقصى. وشرعت إسرائيل منذ الثلاثاء 6-2-2007 في هدم الطريق المؤدي لهذا الباب، وهو ما تسبب في وقوع مواجهات بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي، أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى من الفلسطينين.
المدرسة التنكزية :
تعد المدرسة التنكزية من أشهر المدارس التي أُقيمت في العهد المملوكي بالقدس ، وأكثرها إتقاناً، وتميزت بزخارفها الرائعة، واتساعها لأربعة قاعات للمحاضرات ولصلاة الجماعة، يتوسطها فناء مركزي، فضلاً عن خانقاه لاثني عشر متصوفاً، ومدرسة للأيتام، وقد بناها في القرن الرابع عشر الميلادي، الأمير سيف الدين تنكز وأوقف عليها الكثير من المرافق، ضمت في جوانبها خانقاه وداراً للحديث، وداراً للقرآن، وأسهمت بقوة في الحركة الفكرية المقدسية، وبنيت بقرب الحرم القدسي الشريف.
كتابة: خلود عمرو.
تدقيق: انتصار حسين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق